29 - 06 - 2024

مدينتي الفاضلة | عن شهداء ليبيا القادمين

مدينتي الفاضلة | عن شهداء ليبيا القادمين

ننتظر بيان الدولة عن جرائم جديدة لخطف أولادنا بليبيا .. لأن التعتيم هو الجاني الأخطر، يضاعف الضحايا ووحشية المجرمين.. الضحايا الجدد قد يكونون أيضا من أهالي إحدى قرى أو نجوع الصعيد، المجهولين لحين وقوع فضيحة أو كارثة!! مثل قرية "الحور" التي سحلت سيدة الكرم عارية بشوارعها!!

قبل عشرة أيام علت صرخات استنجاد أم من قرية "الحرجة" مركز البلينا محافظة سوهاج، لم يستجب لها إلا قنوات مصرية خاصة تاكدت من صدق البلاغ!! شاركتنا سماع رسالة عامل مخطوف في ليبيا إلى شقيقه، يصف سجنه ويرجو ارسال الفدية لفك أسره!! 

كانت التفاصيل، ستة عمال مصريين أرزقية - نجار، نقاش، مبلط - تم خطفهم مباشرة من مطار بني غازي!! لأول مرة يسافرون ليبيا، بتأشيرة رسمية، بطائرة من مطار برج العرب!! استقلبهم بمطار بنى غازى المندوب الليبي لسمسار التسفير المصري، وخاطب أهلهم لايداع باقي عمولة تأمين دخولهم إلى ليبيا بدون تصريح عمل ( 27 ألف جنيه للفرد).. تمت المقايضة، فسلمهم المندوب لخاطف يحتجزهم تحت تهديد السلاح في سجن معسكر ما، محشورين وسط قدامى مساجين مختلفي الجنسيات!! جردوهم من ممتلكاتهم وهواتفهم، ضربوهم، يقضون حاجتهم مكانهم!! يلقون لهم نصف رغيف يوميا.. وبعد أيام أمروهم بمخاطبة أهاليهم لارسال فدية، مع تهديد بالقتل في حالة ابلاغ الأمن. 

بدأ الأهالي الصعايدة بالإعلام قبل الأمن، ثم وزارة الخارجية، لشعورهم أن أولادهم مقتولين بالفدية وبدونها.. وبعد 17 يوما، أعادت الدولة أولادنا العمال أحياء مكرمين إلى الوطن.

الجريمة أحيت أبشع الجرائم السابقة، خطف وترويع وقتل طبيب وزوجته وابنته، تلاها 7 عمال في فبراير 2014.. ثم 21 مصريا في فبراير – أيضا - 2015!! في مذبحة داعشية وحشية من فرقة مرتزقة محترفين .. ردت الدولة عليها بدك معسكراتهم فورا، وصدور تعليمات الرئيس السيسي إلى د. محلب بحظر السفر دون تصريح عمل إلى ليبيا والعراق.. لكن للمعوزين أعذار، وللثعالب منافذ، لا تسدها إلا المصارحة بالحقائق تفاصيلا وأطرافا، للتوعية.

 لكنني إنما أكتب لإعلان عدم مشاركتي سيادة اللواء محافظ سوهاج فرحته بعودة من لم يرهم يوما في قريتهم طوال ثلاث سنوات من مسؤوليته عنهم.. المزمار للعائدين مذبوحين خزيا ويأسا، ضاعف حزننا عليهم.. والأجدى أن تسدد عنهم ديون السمسرة والسفر، ويعوضهم عن قهر الاستجداء، ويمنحهم حقهم في عمل داخل محافظتهم!! وأطالب الحكومة والنواب بمراجعة خطة رفع البؤس عن مواطني المحافظات الأشد فقرا، خارج قوافل كراتين الطعام.

الوقت العصيب الحالي يحتم التغيير.. قد تمنح تجربة لا مركزية الحكم في محافظات الصعيد، القدرة للمحافظ الجسور، على تنفيذ حلول الانقاذ، بدءا من تنظيم النسل إلى محو أمية الكبار، إلى مراكز تدريب الحرفيين، والمشاركة بتمويل المشاريع الصغيرة.. والاكتفاء الذاتي باستثمار خيرات القرية.. حد سامعنا!!  

الأرزقية الستة غامروا بالانتحار لأن أبواب الرزق لأمثالهم أضيق من خرم إبرة.. ولغياب وزارة للتعليم الفني.. ولأنهم غير مرئيين إلا كتعداد أفواه. .. محافظ سوهاج، لو لديك مشاعل أمل، ياريت نسمعها منك شخصيا.
---------------------------
بقلم: منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!





اعلان